فصل: مطلب توصية اللّه الحكام بالعدل ومحافظة الأمانة والأحاديث الواردة فيها وتواصي الاصحاب في ذلك:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.مطلب توصية اللّه الحكام بالعدل ومحافظة الأمانة والأحاديث الواردة فيها وتواصي الاصحاب في ذلك:

وهذا خطاب عام على الإطلاق لكل أحد وخاص بالأمراء والحكام يرمي إلى حثّ ولاة الأمور أن يقوموا برعاية الرعية ويحملهم على إحقاق الحق بمقتضى الشرع وأن لا يولوا المناصب غير أهلها لأنها أمانة بأيديهم، ولأن تولية الأمور لغير أهلها ظلم وهو من علامات الساعة كما جاء في الحديث الصحيح إذا وسد الأمر لغير أهله فانتظروا الساعة.
وقوله صلّى اللّه عليه وسلم إذا ضيعت الأمانة فانتظروا الساعة.
قال سيدنا علي كرم اللّه وجهه على الوالي أن يتعهد أموره ويتفقد أعوانه حتى لا يخفى عليه إحسان المحسن ولا إساءة المسيء ثم لا يترك أحدهما بغير جزاء فإن ترك ذلك تهاون المحسن واجترأ المسيء وضاع العمل.
وقال عمر بن الخطاب من ولي أمور العباد ينبغي له أن يتطلع على صغير أمورهم وكبيرها فإنه مسئول عنها، ومن غفل خسر الدنيا والآخرة.
وعن ابن عباس قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم من استعمل رجلا من عصابة وفيهم من هو أرضى منه فقد خان اللّه ورسوله والمؤمنين.
وعن أبي بكر رضي اللّه عنه وعن أصحاب رسول اللّه أجمعين قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم من ولي من أمر المسلمين شيئا فأمّر عليهم أحدا محاباة (أي لأجل قرابة أو أمر آخر) فعليه لعنة اللّه لا يقبل اللّه منه صرفا ولا عدلا حتى يدخله جهنم، ألا فليتق اللّه من وسد الأمر لغير أهله، وليراقب مغبة هذه الأحاديث، ومن وصايا سيدنا عمر إلى معاوية إذا تقدم لك الخصمان فعليك بالبينة العادلة أو اليمين القاطعة وادناء الضعيف حتى يشتد قلبه وينبسط لسانه، وتعاهد الغريب فإنك إن لم تتعاهده سقط حقه ورجع إلى أهله، وإنما ضبع حقه من لم يرفق به، وآسي بين الناس في لحظك وطرفك، وعليك بالصلح ما لم يتبين لك فصل القضاء.
وجاء في الحديث الذي رواه ثوبان لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له، وأخرجه البغوي عن أنس- وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عمر عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم أربع إذا كن فيك فلا عليك فيما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة وصدق حديث وحسن خليقة وعفة طعمة.
وأخرج عن ميمون بن مهران ثلاث تؤدى إلى البر والفاجر الرحم توصل برة كانت أو فاجرة، والأمانة تؤدى إلى البر والفاجر، والعهد يوفى به للبر والفاجر.
وأخرج مسلم عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال ثلاث من كنّ فيه فهو منافق وإن صام وصلّى وزعم أنه مسلم: من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان.
واختلف في سبب نزول هذه الآية في رواية ابن عباس وابن مسعود والبراء بن عازب وأبي جعفر وأبي عبد اللّه أنها عامة كما جرينا عليه وعليه أكثر المفسرين وعن زيد بن اسلم واختاره الجبائي أنها خاصة بولاة الأمور على الوجه الذي ذكرناه فيهم، والآية تدل بسياقها على كلا الأمرين، ولا يمنع عمومها في جميع الأمانات خصوص سببها في الأمراء، وما رواه البغوي من أنها نزلت في عثمان بن طلحة وهي رواية عن ابن عباس، وانه أسلم يوم الفتح فيه نظر، لأن عثمان هذا على ما قاله أبو عمرو بن عبد البر وابن منده وابن الأثير أنه هاجر إلى المدينة بعد هدنة الحديبية سنة ثمان مع خالد بن الوليد، ولقيهما عمرو بن العاص مقبلا من عند النجاشي فرافقهما وهاجر معهما، فلما رآهم النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال لأصحابه رمتكم مكة بأفلاذ كبدها، يعني أنهم وجوه قومهم من أهلها فأسلموا.
نعم إن عثمان المذكور جاء بالمفتاح يوم الفتح وسلمه لحضرة الرسول وطلب العباس إن يضمه إليه مع السقاية، قالوا وكان حضرة الرسول قبل الهجرة أراد أن يدخل البيت، فطلب المفتاح من عثمان هذا فلم يعطه إياه، ولم يفتح له الباب، فقال صلّى اللّه عليه وسلم إني رسول اللّه قال له لو علمت انك رسوله لما منعنك، فقال له سيأتي يوم إن شاء اللّه أنزعه منك، فلما كان الفتح وأتى عثمان بالمفتاح وطلبه العباس ظن أنه لا يعيده إليه لما سبق منه فنزل جبريل وأمره برده إليه عن أمر ربه وتلا هذه الآية فرده إليه وقال خذها يا بني طلحة (يعني سدانة البيت) خالدة مخلدة لا ينزعها منكم إلا ظالم، ثم إنه أعطاه بعد إلى أخيه شيبة وهي حتى الآن في ذريته فإذا كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم تلا هذه الآية بعد الفتح عند ذلك بمناسبة رد المفتاح إلى السادن القديم فلا يعني أنها نزلت في هذا الشأن، لأن هذه السورة نزلت قبل الفتح بسنتين ولا يجوز أن يقال إن هذا لعلة من الإخبار بالغيب، لأن هذه من الأقوال الواقعية لا المخبر بوقوعها وليست من الأقوال حتى تكرر واللّه أعلم.
ومما يؤيد نزول هذه الآية فيما ذكرنا قوله تعالى بسياقها: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} من جنسكم وقومكم أيها المؤمنون فإن هذه فرع عن قوله: {وَإِذا حَكَمْتُمْ} الآية، ويؤكده قوله عز وجل: {فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ} من أمر دينكم ودنياكم {فَرُدُّوهُ} ارجعوا به في طلب حله {إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} ما دام حيا وإلى كتاب اللّه وسنة رسوله بعد وفاته {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} فافعلوا ما تؤمرون به {ذلِكَ} الرجوع إلى كتاب اللّه وسنة رسوله {خَيْرٌ} لكم من الاستبداد بالرأي واتباع هوى أنفسكم فيه {وَ} تأويل الرسول له {أَحْسَنُ} من تأويلكم، لأنه لا ينطق عن الهوى بل يتبع الوحي المنزل عليه فيه من ربه وما يلهمه اللّه مما يلقيه في روعه، لذلك كان تأويله {تَأْوِيلًا (59)} خيرا من تأويلكم وأحمد عاقبة روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم من أطاعني فقد أطاع اللّه، ومن عصاني فقد عصى اللّه، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني.
وروى البخاري عن أنس بن مالك أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ما أقام فيكم حدود اللّه.
إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
ولهذا البحث صلة في الآية 159 من سورة الأنعام.
والآية عامة في كل أمير وما قاله عكرمة أراد بها أبا بكر وعمر للحديث المروي عن حذيفة.
قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إني لا أدري ما يقال فيكم فاقتدوا بالذين بعدي أبي بكر وعمر.
أخرجه الترمذي وما قاله ميمون بن مهران أن المراد بهم أمراء السرايا والبعوث أو أنهم عموم الأصحاب لما روي عن عمر قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم أخرجه رزين في كتابه ولما روي عن البغوي بسنده عن الحسن عن أنس قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم مثل أصحابي في أمتي كالملح في الطعام لا يصلح الطعام إلا بالملح.
وقال الحسن ذهب ملحنا فكيف نصلح؟ وقال غيره:
يا علماء السوء يا ملح البلد ** ما يصلح الملح إذا الملح فسد

وكذلك ما روى البخاري عن ابن عباس بأنها نزلت في عبد اللّه بن حذافة ابن قيس وما قاله السدي بأنها في خالد بن الوليد حين بعثه الرسول على سرية فيها عمار بن يسر فلما قربوا من القوم هربوا، وجاء رجل إلى عمار قد أسلم فأمنه عمار، فرجع الرجل فجاء خالد فأخذ ماله، فقال إني قد أمنته وقد أسلم قال خالد تجير علي وأنا الأمير؟ فتنازعا وقدما إلى رسول اللّه، فأجاز أمان عمّار ونهاه أن يجبر الثانية على أميره.
فهذه الأقوال إن صحت لا تخصص هذه الآية بمن وردت فيهم لأنهم من جملة الأمراء المأمور بإطاعتهم فيدخلون بحكم عمومها دخولا أوليا وغيرهم من بعدهم لذلك ما ذهبنا إليه هو الأولى وقد مشى على هذا الطبري والجبائي وزيد بن اسلم وكثير من المفسرين غيرهم لذلك فإنها مطلقة باقية على إطلاقها.

.مطلب في معنى زعم قصة بشر واليهودي والزبير والأنصاري وامتثال أوامر الرسول:

قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} من الكتب وهذا تعجب ثالث يعجب اللّه به رسوله مما جبل عليه اليهود من الطبائع السيئة، ولفظ زعم يأتي بمعنى الحق والباطل والكذب والصدق بحسب مناسبة المقام، وأكثر ما يستعمل بالشك، وجاء في الحديث زعمه جبريل، وفي حديث خمام بن ثعلبة زعم رسولك، وقال سيبويه زعم الخليل لشيء يرتضيه، وفي شرح مسلم أن زعمه في كل هذا بمعنى قال والمراد هنا مجرّد ادعاء، أي أنهم يدعون إيمانهم بتلك الكتب والحال أنهم لم يؤمنوا بها حقيقة لأنهم {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} فلو كان إيمانهم صحيحا لما طلبوا المحاكمة إلى المنافق المعبر عنه في الطاغوت فكيف يرضونه حكما {وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ}.
ولكنهم يريدون الركون إلى الضلال إذ لم تؤثر فيهم الآيات الرامية إلى الهدى {وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيدًا (60)} عن الحق مستمرا دائما فوق ضلالهم فلو أمروا بالجنوح عنه لما فعلوا {وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا} تحاكموا {إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ} ليحكم بينكم بكتاب اللّه فهو أعدل وأحق للحق {رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ} يا سيد الرسل {صُدُودًا (61)} وأيّ صدود صدود مع أنفة عما تدعوهم إليه.
قال ابن عباس رضي اللّه عنهما نزلت في رجل من المنافقين يقال له بشر كان بينه وبين يهودي خصومة، فقال اليهودي ننطلق إلى محمد، وقال المنافق ننطلق إلى كعب بن الأشرف، وهذا هو الذي سماه اللّه بالطاغوت، فأبى اليهودي أن يخاصمه إلا عند رسول اللّه، فلما رأى المنافق ذلك، أتى معه إلى الرسول، فقضى عليه، فلما خرجا قال المنافق انطلق بنا إلى عمر، فذهب معه، فقال لعمر اختصمت معه إلى الرسول فقضى لي عليه فلم يرض فقال عمر للمنافق أن كذلك؟ قال نعم، فأصلت سيفه وضرب المنافق حتى برد، وقال هكذا أقضي بمن لم يرض بقضاء اللّه، فنزلت هذه الآية، وقال جبريل لمحمد إن عمر فرق بين الحق والباطل، ومن ذلك اليوم سمي الفاروق، قال تعالى: {فَكَيْفَ} يكون حال هؤلاء المنافقين {إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ} مثل قتل بشر هذا {بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} وهو أولا اختيار بتحكيم كعب على تحكيمك وثانيا عدم رضائه بحكمك {ثُمَّ جاؤُكَ} أهل القتيل المذكور {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنا} ما أردنا بطلب إعادة المحاكمة عند غيرك {إِلَّا إِحْسانًا وَتَوْفِيقًا (62)} ليطمئن المحكوم عليه بأن قضاءك هو الحق ولنوفق بينهما عليه لا عدم رضى بحكمك {أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ} من النفاق والكذب {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ} يا أكمل الرسل باللسان وازجرهم عن النفاق والكذب وخوفهم من طلب المحاكمة إلى الطاغوت وعذاب الآخرة المترتب عليه ولا تعاقبهم {وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا} يؤثر في قلوبهم مملئه التخويف والتهديد {وَ} اعلم يا سيد الرسل أنا {ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} فيما يأمر وينهى ويحكم {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ}.
بطلب المحاكمة إلى الطاغوت {جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ} مما أقدموا عليه {وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ} لأنه يقبل عذر من اعتذر إليه واللّه لا يرد شفاعته {لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا} عليهم {رَحِيمًا (64)} بهم ومن هنا والآيتين 38 من المائدة الآتية و57 من الإسراء المارة أخذ جواز التوسل بحضرة الرسول، راجع تفسير الآيتين المذكورتين.
وتشير إلى أن الاعتراف بالذنب أمام حضرة الرسول واستغفاره له قد يؤدي لعفو اللّه عنه، وعليه فإن المذنب إذا اعترف أمام العالم الذي هو نائب عن حضرة الرسول وتاب توبة نصوحا ودعى له بقبولها قد يؤدي لذلك واللّه أعلم.
{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ} حقا ولا يسمون مؤمنين {حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ} رغبة فيك وحبا في سماع كلامك وشوقا بحكمك {ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا} ضيقا وحنقا وعدم رضى {مِمَّا قَضَيْتَ} به عليهم بل يتلقونه بطيب نفس ويعلمون أنه الحق الواجب اتباعه {وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)} مطلقا وينقادوا له انقيادا رضائيا لا شك ولا تردد فيه ظاهرا وباطنا ولا تخيير فيه أبدا راجع الآية 26 من سورة الأحزاب المارة، روى البخاري ومسلم عن عروة ابن الزبير عن أبيه أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير في شراج الحمه (الشراج سيل الماء النازل من الجبل إلى السهل والحمة الأرض الحمراء المتلبسة بالحجارة السوداء) التي يسقون بها النخيل فقال الأنصاري سرح الماء يمر فأبى عليه فاختصما إلى رسول اللّه فقال صلّى اللّه عليه وسلم للزبير اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك فغضب الأنصاري ثم قال يا رسول اللّه إن كان ابن عمتك (أي قضيت له لهذه القرابة لا بحق رأيته قاتله اللّه) فتلون وجه النبي صلّى اللّه عليه وسلم ثم قال للزبير اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر، فقال الزبير واللّه إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك، زاد البخاري فاستوعى رسول اللّه حينئذ للزبير حقه وكان قبل ذلك قد أشار على الزبير أن يتسامح مع الأنصاري سعة له فلما احتفظ الأنصاري أي استوعى أي استوفى للزبير حقه (وذلك إن من كانت أرضه في فم الوادي فهو أولى بتمام السقي) وروى البغوي أنهما لما خرجا مرا على المقداد فقال لمن قضى، لمن كان القضاء قال الأنصاري لابن عمته ولوى شدقه ففطن له يهودي كان مع المقداد فقال قاتل اللّه هؤلاء يشهدون أنه رسول اللّه ثم يتهمونه في قضاء يقضي بينهم وايم اللّه لقد أذنبنا ذنبا مرة في حياة موسى يريد سلفهم.